الثلاثاء، 19 يناير 2016

بحث الحق في الحياة



المقدمة :
الحق هو كل ما يستطيع الفرد القيام به في إطار ما يسمى بالشرعية القانونية التي يمنحها له القانون أي أنه سلطة يسندها القانون إلى شخص معني،  يستطيع بمقتضاها أن يتسلط على شيء أو أن يقتضي أداء معين من شخص آخر، والحق لغة هو الثابت غير القابل للإنكار وهو نقيض الباطل وحق الإنسان في الحياة هو أخطر الحقوق وأجلها وأقدسها في جميع الشرائع والحضارات والأعراف والقوانين والدساتير.
وهذا الحق ليس تعبيرا مجردا من دلالته التي تكسبه أهمية وخطورة بل يكتسب أهميته من تكريم الله للإنسان وتفضيله على كثير من مخلوقاته، والمستعرض لتاريخ الإنسانية الفكري، يجد أن فكرة الحقوق الطبيعية من أولى الأفكار التي نادى بها الفلاسفة والمفكرون وهذه الفكرة هي التي أقرت للإنسان حقوقا طبيعية في مقدمتها الحق في الحياة لكونه الأساس الذي ترتكز عليه الحقوق الأخرى ، وقد يرى البعض أن فكرة حقوق الإنسان هي نتاج الفكر الأدبي ووليدة توراته وهذا زعم غير دقيق لأن الحضارة الحديثة مسبوقة بحضارات أقدم منها لكن ناضل  فيها الإنسان لإقرار حقوقه ، وتركت بصمات واضحة على التاريخ الإنساني، فالاهتمام بحق الحياة بدأ عند الرومان والإغريق والحضارة المسيحية إلا أنها كانت مجرد أفكار نادى بها الفلاسفة إزاء تسلط الملوك لكننا نجد أن الشريعة الإسلامية أقرت حقوق الإنسان على رأسها الحق في الحياة مصداقا لقوله تعالى :{ ولكم في الحياة قصاص يأولي الألباب {.
وكذلك ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحببكم  “. كما وفر الإسلام للإنسان جميع مستلزمات حياته ، أما الأساس الفكري فيرتكز على أن حق الإنسان في الحياة هو حق طبيعي يقره العقل السليم ولا يحتاج إلى إرادة المشرعين ومضمونه أن لجميع الناس بحكم أدميتهم حقوقا يستمدونها من طبيعتهم الإنسانية ولا تمنحها الدولة أو المجتمع وإنما تقتصر مهمتها على الاعتراف بها، إذ لا يمكن إلغاؤها أو التنازل عنها تحت أي ظرف أو ضرورة .
بالرغم من أن حق الحياة مكفولا شرعا وقانونا، إلا أنه ترد عليه بعض الحالات والتي تعتبر استثناء لحمايته والتمتع به، بحيث نجد أن أشد العقوبات إجمالا في قانون العقوبات سواء أكان مصدره ديانة سماوية أو تشريعات وصفيا ، أو حتى اتفاقا ثنائيا دوليا أو إقليميا تظل هي عقوبة الإعدام، أي إزهاق الروح. والفلاسفة على اختلاف مشاربهم يختلفون هل حق الحياة هبة من الله لا يجوز أن تؤخذ بغير وجه حق ؟ أم  أن إزهاق الروح لإنسان آخر تقتضي إزهاق روح الجاني؟ فما بين الجاني والضحية تتبلور عدة دلالات القانون الأخلاق الدين الفلسفة. وهنا ظهر مفهوم جديد وهو ما يسمى بحقوق الإنسان ، فمادمنا نناقش حق الضحية فلابد أن نناقش حق الجاني أو الذي قام بإزهاق الروح.
لقد بلور الاتحاد الأوروبي نظرته في عدم تطبيق عقوبة الإعدام والولايات المتحدة الأمريكية على عكس ذلك تقوم بتطبيق عملي لعقوبة الإعدام وتطبيقها في محاكمها وحسب الأستاذ محمد أبي سلمان العمراوي ( باحث في العلوم الشرعية ) فإنه لا يوجد في الشرع ما يسمى بعقوبة الإعدام ولا يحبذ استعمال لفظة الإعدام لأنه في عقيدتنا يقول العمراوي أن الإنسان ينتقل من حياة إلى حياة أخرى، وليس بمعنى العدم، وإنما هناك القصاص المطبقة في جرائم القتل العمد والتي تعتبر أيضا من الاستثناءات الواردة على الحق في الحياة. والتي تتفرع إلى جرائم عمد أو شبه العمد أو خطأ حسب الفقهاء. وذهب مالك إلى أن القتل إما عمدا أو خطأ ولا ثالث لهما فالقصاص في جرائم القتل العمد يمكن الاستغناء عنها بعقوبة أخرى لا تزهق الروح وهي الدية أي دفع تعويض إذا عفا ذوو الحقوق، إما الجرائم غير العمدية فلا يجوز فيها مطلقا إيقاع عقوبة الإعدام، وإزهاق الروح ففي الفقه الإسلامي الجنائي حق قتل الجاني أعطي لذوي الحقوق ، وبخصوص قضية الحق في الحياة من منظور الشريعة الإسلامية يؤكد أن هذا الحق من الحقوق الأساسية التي كفلتها الشريعة لأنه من الكليات الخمس، ولا يجوز تعريض أي إنسان للموت ففي القرآن الكريم هناك قاعدة ذهبية مفادها أن قتل نفس كقتل الناس جميعا قال تعالى :” من اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”من هنا وضع الإسلام كل الضمانات والاحتياطات من أجل الإبقاء على النفس البشرية وفي هذا الصدد أباح محرمات متعددة لإبقاء على النفس البشرية كأكل الميتة وغيرها.
وهذا إن ذل على شيء فإنما يدل على حرص الشريعة الإسلامية على الحق شفي الحياة أكثر من غيرها من القوانين الوضعية .
نجد كذلك قتل الشفقة أو الرحمة وهو موضوع معاصر بدأ يطرح نفسه بشدة على الأوساط الطبيعية والقانونية والقضائية والفقهية وهو يعني إنهاء حياة المريض الميؤوس من شفائه بطريقة غير مؤلمة نسبيا بدواعي الرحمة والشفقة عليه وتخليصه من الألم ولقد أثيرت ، تساؤلات معقدة حول القتل بدافع الشفقة بين الشرع والقانون والأخلاقيات الطبية  .
 وبين أن النظرة الإنسانية لمثل هذا الأمر لم تحسم وتنتهي بعرض وجهة نظر واحدة حولها وخصوصا في الدول الغربية التي ازداد فيها عدد المنادين بتعديل التشريعات للسماح بإجازته وبالتفصيل حالات عملية في بعض المجتمعات التي سمحت به من حيث التطور والنتائج والأسباب وبالذات عندما أقر الكونغرس الأمريكي عام 1990 قانونا يقر بحق المريض الذي يتلقى العلاج في المستشفيات العامة الفيدرالية أن يطلب إنهاء حياته بالامتناع عن العلاج  .

وكذلك التجربة الهولندية عندما أقر البرلمان قانونا عام 2001 يجيز القتل بدافع الشفقة إذا وافق المريض الميؤوس من شفائه ، وتطرق الدكتور أبو سويلم إلى أن التشريعات العربية لا تغير من الوصف القانوني لجريمة القتل بدافع الشفقة إذ تبقى قتلا عمدا في نظر القانون وإن كانت بعضها تعتبره ظرفا مخففا للعقوبة ويرى أن رضي المجني عليه لا يغير من الفعل شيئا ولا يجعله مشروعا لأن التشريعات جاءت لحماية  حق الإنسان في الحياة ومن ثم لا يجوز مخالفتها للنظام العام .

الفصل الأول : مفهوم الحق في الحياة
حق الحياة هي العبارة التي تعبر عن أنه لدى الإنسان حق أساسي في الحياة،وعلى وجه الخصوص في أنه للإنسان حق أن لا يقتلع لي يد إنسان آخر. إن مبدأ حق الحياة هو من أكثر المبادئ المثيرة للجدل خاصة فيما يتعلق بمواضيع عقاب الحكومة،الإعدام،الدفاع عن النفس،الحروب وغيرها .
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في الفقرة 3 ما يلي "لكل فرد الحق في الحياة و الحرية و سلامة شخصه.".
و الحق في الحياة هو أحد الحقوق الأساسية للإنسان وقد كرسته الشرعة الدولية في وثائق الأمم المتحدة.
وحق الحياة هو الحق الذي يحفظ حياة الإنسان ويمتنع على الجميع من سلطات وأفراد إنهاء حياة الإنسان والشخص ذاته لا يجوز له إنهاء حياته فلا يجوز للدولة بصورة عامة أن تنهي حياة الإنسان ولا يجوز للأفراد إنهاء حياة بعضهم و لا يجوز للشخص أن يقدم على الانتحار. وإذا أقدم شخص على إنهاء حياة آخر فإنه يعد جريمة قتل عمدي هم وجبة للعقاب الصارم حتى لو كان إنهاء حياة الشخص بموافقته أي في مصلحة الشخص كان يعاني الشخص مرضا لا يرجى الشفاء منه فلا يجوز للطبيب أن ينهي حياته وهو ما يعرف بقتل الشفقة أو الرحمة إذ من غير الجائز أبدا إنهاء حياة الإنسان مهما ازدادت التكاليف و الأعباء عليه وعلى عائلته فهذا حق الإنسان في الحياة الذي ضمنته له القوانين الدولية والأديان السماوية وهذا يتنافى معا لإنسانية والأخلاق فالأمل موجود دائما لأن من أهم الوصايا التي وضعها الله وصية ” لا تقتل بغير حق ” وهي تعني ألا يقتل الإنسان أحدا ولا حتى نفسه لأنه هو ملك للخالق و لا يملك حياته وليسحرا  به.
 أما بالنسبة للتعريف الفلسفي للحياة فقد كتب العلامة الطباطبائي يقول: «الحياة فيما عندنا –من أقسام الحيوان- كون الشيء بحيث يدرك ويفعل»[

وكما هو واضح فإن هذا التعريف يتحدث عن الكائن الحيّ أكثر مما يتحدث عن الحياة ذاتها،إضافة إلى أنه ينظر إلى معالم الحياة لا إلى طبيعة الحياة وماهيتها.
وللمحقق (القوشجي) تعريف مشابه للتعريف السابق يقول فيه: «واختلفوا في معنى الحياة،فقال جمهور المتكلمين أنه صفة توجب صحة العلم والقدرة. وقال الحكماء؛و أبو الحسين البصري،من المعتزلة: إنها كونه بحيث يصحّ أن يعلم ويقدر».

الفصل الثاني :الحق في الحياة من منظور القانون الدولي
الحق في الحياة هو أحد الحقوق الأساسية للإنسان وقد كرسته الشرعة الدولية في وثائق أممية وهي: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و البرتوكول الاختياري الثاني الملحق به.
وفي العاشر من شهر أكتوبر من كل عام تنظم حركة المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام أنشطة على مستوى عالمي من أجل حث الحكومات التي لم تلغي هذه العقوبة في قوانينها على إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم الوطنية لمدة سنة كخطوة نحو الإلغاء التام للعقوبة.
في هذا الإطار نخصص العدد الجديد من مجلة "موارد" لموضوع عقوبة الإعدام. وذلك مساهمة من المكتب الإقليمي في حملة عالمية انخرطت فيها منظمة العفو الدولية منذ عقود.
تعتقد منظمة العفو الدولية وهو ما ضمنّته في تقريرها الصادر في مارس/آذار من العام 2010. إن عقوبة الإعدام "تشرعن" فعلاً عنيفاً على يدي الدولة لا يمكن الرجوع عنه، وهو ما تؤكده متابعتنا لهذه المسألة منذ صدور كتاب منظمة العفو الدولية سنة 1989 "ضد عقوبة الإعدام"  وقد أظهرت الأبحاث أن هذه العقوبة غالباً ما تطبق بشكل ينطوي على تمييز وتستخدم بصورة غير متناسبة ضد الفقراء والأقليات وأفراد الجماعات العرقية والدينية. وغالباً ما تفرض عقوبة الإعدام  إثر محاكمة جائرة ولكن حتى عندما تحترم المحاكمات المعايير الدولية العادلة، فإن خطر إعدام شخص بريء هو إحتمال لا يمكن استبعاده مثلما يتضح ذلك باستمرار.
وفي الوقت الذي تنطوي فيه عقوبة الإعدام على إحتمال وقوع خطأ لا يمكن إصلاحه، فإنه لم يثبت حتى الآن أن لها تأثير رادع بشكل خاص وهي تحرم الشخص من إمكانية تأهيله، وتعزز الشروط المبسَطة على المشكلات الإنسانية المعقدة، بدلاً من البحث عن حلول بناءة.
كما إنها تستهلك الموارد التي يمكن إستخدامها على نحو أفضل للعمل ضد الجريمة العنيفة ومساعدة الأشخاص الذين يتضررون من جرائها.
إن عقوبة الإعدام هي من أعراض ثقافة العنف، وليست حلاً لها، وهي وصمة عار على جبين الكرامة الإنسانية.
وبالرغم من أن أكثر من  ثلثي دول العالم قد ألغت عقوبة الإعدام في القانون أم في الممارسة، فقد سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  أعلى معدلات عالمية للإعدام بالنسبة لكل شخص.
حيث سجل العراق أعلى معدل إعدام تبعته إيران ثم المملكة العربية السعودية واليمن.
لذا أدرجنا في هذا العدد قسماً خاصاً بعقوبة الإعدام في البلدان العربية تضمن عرضاً لتقارير وكتب تشخص حالة عقوبة الإعدام في هذه المنطقة من العالم وفي نفس الوقت تعرض لحركة في طور النمو مناهضة لهذه العقوبة وهي مجسدة في عدة مبادرات وطنية وإقليمية أخذت شكل تحالفات مدنية تعمل على صياغة إستراتيجيات وتنسيق تحركات من أجل إيجاد طرق قد توصل بلدانها إلى إلغاء عقوبة الإعدام في التشريعات وفي الممارسة.
وتبرر بعض السلطات في بلدان المنطقة استمرار فرض عقوبة الإعدام بأسباب متعددة منها المحاجة  بموجبات الشريعة الإسلامية، لهذا تضمن العدد الجديد من مجلة موارد، وجهة نظر إسلامية مناهضة لعقوبة الإعدام وكذلك عرضاً لكتاب مدافع عن حقوق الإنسان من إيران تناول بالدرس، الجذور والحلول الفكرية والفقهية المتعلقة بالحق في الحياة وبخاصة إعدام الأطفال.
وعلى الصعيد العالمي فإن الاتجاه يسير نحو ازدياد أعداد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام إما في القانون أو في الممارسة. وتعدّ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنتي 2007 و2008 مرجعاً مهماً حيث عبرت أكثر من 100 دولة عن قلقها العميق إزاء استمرار تطبيق عقوبة الإعدام، ودعت جميع الدول التي ظلت تحتفظ بعقوبة الإعدام إلى التقيّد التدريجي لإستخدام عقوبة الإعدام وتخفيض عدد الجرائم التي يجوز فرض العقوبة على مرتكبيها. ودعت أيضاً إلى وقف تنفيذ الإعدامات بقصد إلغاء عقوبة الإعدام، وتعزيزاً لهذا الاتجاه العالمي، انعقد المؤتمر العالمي الرابع ضد عقوبة الإعدام في جنيف فبراير/شباط 2010، الذي ضم أكثر من ألف مشاركة ومشارك من ممثلي الحكومات ومندوبين عن منظمات المجتمع المدني ومبدعين ومؤسسات البحث.
ولقد كان هذا المؤتمر مناسبة أرادتها الجهة المنظمة "التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام"، أن تكون فرصة لتبادل الخبرات وتطوير الإستراتيجيات وعرض لإبداعات ثقافية تصب جميعها في هدف واحد، هو السير بخطى راسخة لكي يكون عالمنا خالياً من عقوبة الإعدام
    
الفصل الثالث : طرق الانتهاكات ضد حياة الإنسان
الإعدام التعسفي
هو قتل شخص على يد وكيل للدولة أو أي شخص آخر يعمل تحت سلطة الحكومة أو بتواطئها معهم أو تغاضيها عن أفعالهم أو قبولها ولكن بدون أي عملية قضائية أو بدون عملية قضائية مناسبة. وحالات الإعدام المنبثقة عن حكم بالإعدام صادر عن محكمة هي أيضا حالات إعدام تعسفي إذا لم تُحترم ضمانات المحاكمة المنصفة المنصوص عليها في المادتين 14 و 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
الإبادة الجماعي
تتطلب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية و المعاقبة عليه العام 1948 من الدول أن .( "تعاقب على الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أياما لسلم أو أثناء الحرب" (المادة 1 وتحدد الاتفاقية الإبادة الجماعية على أنها ارتكاب أحد الأفعال التالية،على يقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية
التعذيب
وطبقا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره منضر و بالمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ،يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد،جسديا كانأ معقليا،يلحق عمدا بشخص لأغراض
الاختفاء القسري
لاختفاء القسري هو الاختطاف أو أيحرمان من الحرية أياً كان نوعه لأسباب سياسية يتبعه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان تواجده،مما يجعله خارج حماية القانون.
الإجهاض
يعرف الإجهاض في اللغة هو إلقاء الحمل ناقص الخلق أو ناقص المدة من المرأة، وأن الحنين فيه يصير حياة إنسانية متكاملة لا يجوز الاعتداء عليها . لذلك لا يجوز الإجهاض إلا في حالة واحدة وهي أن يتعارض الحفاظ على حياة الجنين مع الحفاظ على حياة الأم فيقدم الحفاظ على حياة الأم لأنها الأصل لجنينها،ولأن حياة الأم قائمة بينما الجنين يمكن أن يولد حيا وقد يموت،ولا يجوز إهدار حياة قائمة من أجل حياة مظنونة.

الفصل الرابع: التحديات التي تواجه حق الحياة
قام بعض المخالفين للدين والمتأثرين بالنظريات الغربية فيمج الحقوق الإنسان بتوجيه انتقادات للقرآن الكريم،وادعى هؤلاء أن تشريع القرآن للقتل في بعض الموارد يتناقض مع مبدأ حق الحياة  للإنسان.
ومن الموارد التي قيل إنها تتناقض مع مبدأ حق الحياة هو تشريع القصاص،و إعدام الشخص المرتد،وكذلك إعدام المحارب لله وللرسول.
يرى البعض أن الهدف من القصاص هو غسل الدم بالدم ويقول: إن الدم لا يمكن أن يغسل الدم والمفروض أن تشرع عقوبة أخرى للقتل بدل القصاص.
لكن الواقع أن القصاص يمنع الناس من التفكير بالقتل،فالذي لم يحترم حق الآخر ينفي الحياة و ارتكب جريمة القتل المتعمد قام –في الواقع- بتعريض أرواح أفراد المجتمع جميعاً للخطر،فهو لم يحترم هذا الحق الثمين وبالتالي شرّع قانون القتل داخل المجتمع،والذي قام بعملية القتل لمرة واحدة لا يُضمن أن لا يعيد الكرة مرة أخرى ويقوم بعملية قتل ثانية و ثالثة.. على الخصوص عندما لا يُردع بعقوبة تتناسب مع حجم جريمته.
وعندما تتم عملية كتابة تشريع القوانين على أيدي خارقي القانون فإن هؤلاء سوف يسعون إلى التخفيف من حدة العقوبات المفروضة في هذا القانون والتقليل من فرص العمل بها وتنفيذها،ولهذا فإن الأشخاص الذين يتباكون لتنفيذ حكم القصاص بحق القتلة و المجرمين ويسكبون دموع التماسيح في هذا المجال هم في الواقع قلقون على أنفسهم لا على حق الحياة في المجتمع الإنساني،وذلك لأن المصالح الاقتصادية والسياسية لأمثال هؤلاء متى ما تعرضت للخطر فإن هم لا يتوعون من القيام بالمجازر الجماعية بحق الأطفال والنساء العزل ثم يقومون بالتغطية على كلما فعلوه.
وهنا نقطتان تستحق أن الالتفات إليهما في هذا المجال،وهما:
الأولى: لا يمكن لأي تشريع أن يدير شؤون المجتمع الإنساني ويطبق العدالة مالم ينص على عقوبات مناسبة للجرائم.

الثانية: إن العقوبة شديدة فيحد ذاتها،وهذه الشدة تسلب من المحكوم حقاً ما ويكون حالها بذلك حال السجن والغرامة المالية التي تشكل نوعاً من الضغط على المجرمين،وشدة العقوبة جاءت من أجل الحدّ من الجريمة،ليس الجريمة التي اقترفت،بل الحد من الجرائم التي قد تحدث في المستقبل.
وما يثير التعجب هو إن بعض المنتمين إلى الفكر الشيوعي –هذا الفكر الذي تركت جرائمه البشعة آثارها الدائمة على التاريخ؛بعد أنحكم على عدد كبير من الناس بالموت وتحت حج واهية- يقودون حملة انتقادات ظالمة،ضد حكم القصاص في الإسلام ويصفونه بالحكم الإسلامي المتوحش.
و لو تمت دراسة القصاص بعيداً عن روح العداء والكراهية والأحكام السلبية المسبقة وبأسلوب علمي حيادي لكان واضحاً للعيان أن القصاص راعى مسألة الردع إلى جانب رعايته للعواطف الإنسانية،لأن الإسلام لا يصر على إجراء القصاص في كل الحالات،بل إنه وضع إلى جانب القصاص عدة خيارات أخرى وعلى رأسها العفو،فمع العفو يُعفى القاتل من كل العقوبات،هذا إلى جانب أن عملية القصاص لا تُنفذ بالقاتل إلا مع توفر عدة شروط هي:
- سلامة القاتل العقلية.
- أن تكون الجريمة متعمدة.
- عدم قبول أولياء المقتول للدية.
- عدم عفو القاتل من قبل أولياء المقتول.
وعلى هذا الأساس فإذا كان القاتل مجنوناً أو يعاني من بعض الاختلالات العقلية،أو حدث القتل خطأً،أو رضي أولياء المقتول بأخذ الدية،أو العفو عن القاتل،فلا يقتص من القاتل أبداً،أي إن في حكم القتل المتعمد خيارات أخرى غير القصاص،ولكن ما يثير الدهشة هو أن المعارضين لأحكام الدين لم يتحملوا عناء دراسة كل نظرية الإسلام بشأن القصاص،حيث يقول الله تبارك وتعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَن عُفِي لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فإتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

وعلى هذا الأساس فإن حكم القصاص في الإسلام –إضافة إلى حالة الرد عا التي يوجدها- فإنه يغلق الأبواب أمام التفكير بالانتقام الذي يأتي بعد القتل سواء على الصعيد القومي أو العنصري،و هو ما شهدناه في بعض العادات الغابرة،فبسب بمقتل شخص واحد كانت أعداد كبيرة من الجانب الآخر تتعرض للقتل والإبادة،وهذا ما قد تفعله الشعوب التي تدعي التحضر أيضاً؛حيث يقوم بعض حكام العالم الغربي والكيان الصهيوني بشكل خاص و بالاعتماد على قدراتهما لعسكرية بما هو أسوء من ذلك.
إذن فيجب ألَّا نتصور أن العادات الجاهلية التي سبقت الإسلام قد ولّت وسوف لنتعود مرة أخرى وبالتالي نعتقد أنه لا حاجة إلى إجراءات احترازية لذلك.
وقد حاول البعض الآخر و نتيجة لوقوعهم تحت تأثير الجهات المخالفة للدين أن يحاربوا القصاص بشكل آخر وذلك بزعمهم أن عهد القصاص قد انتهى وذهب مع الماضي،وقالوا في هذا المجال: «إن القرآن يرى أن القصاص حياة وذلك لكون القصاص كان يعني في الجاهلية قتل مئات الأشخاص،وبالتالي جاء الإسلام وحكم بأن يقتص من القاتل فقط لا غير،فأنقذ بذلك المئات من الأشخاص من الموت الثأري الانتقامي أما في الوقت الحاضر حيث بالإمكان زج القاتل في السجن إلى الأبد فإن القصاص ليس حياة بل هو ممات». فالروح التي تتمتع بها القوانين القرآنية لا تود أن يتعرض شخص ما للقتل ولهذا فلو أمكن أن يعاقب القاتل بصورة أخرى غير الإعدام فإن القرآن سيبارك ذلك قطعاً.
إن التوصل إلى رأي صائب في هذا المجال لا يحتاج إلى دراسة معمقة في القرآن فحسب،بل يحتاج إلى دراسة متعمقة أيضاً في جميع المصادر الدينية والتشريعية،ونحن لا ندّعي الخوض في هكذا دراسة في هذه المحاولة،إلا أننا نشير إلى أمرمهم وهو أن أي اهتمام بحقوق الإنسان وسلامة المجتمع يستحق كل التقدير،لكن يجب ألَّا نغفل عن أمرمهم آخر و هو أن ضحالة المعرفة والتجربة البشرية أثبتت حتى الآن بأن الكثير من الإجراءات البشرية لحماية حقوق الإنسان قد وصلت إلى طريق مسدود،وباءت بالفشل،ومع مرور الزمن تم إعادة النظر في كثير من هذه القوانين أو تم وضع استثناءا تغير منطقية لها.
وأكبر دليل على فشل الإجراءات المتبعة لحماية سلامة المجتمع الإنساني وضمان الأمن لأرواح الناس وأموالهم هو الإحصائيات العجيبة التي تصدر حول مستوى الجرائم في البلدان الغربية والأوروبية وهي البلدان التي تدعي مراعاتها لحقوق الإنسان وامتلاكها لأفضل القوانين على الإطلاق. ونحن إذا لاحظنا وجود نسبة صغيرة من تلك الجرائم في البلدان الإسلامية،فإن ذلك بسبب واحد من أمرين؛إما بسبب عدم التطبيق الصحيح والدقيق للحدود و القوانين الإسلامية،و إما بسبب التأثير الذي تركته الثقافة الليبرالية على العالم،ففي ظل الحرية الإعلامية و نشر مختلف الأفكار و العقائد  الضالّة عبر وسائل الإعلام والفضائيات أعدت الأرضية اللازمة لظهور و انتشار الجرائم وأدى ذلك إلى تعريض الأذهان والأفكار لمختلف السلوكيات والتصرفات السلبية.



















النتائج والتوصيات :
إن ابرز الانتهاكات ضد الحياة الإنسانية في فلسطين :
1-   بناء المستوطنات في الضفة والقدس مما يعمل على تضيق الخناق على المواطنين الفلسطينيين.

2-   وصول ما يقارب أكثر من 5000 معتقل من النساء و الأطفال والرجال فيسجون الاحتلال الإسرائيلي.


3-   الحصار من قبل الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ سنوات.

4-   حملات الاغتيالات والتفجيرات اليومية ضد الأبرياء في كل من الدول العربية و الدول الإسلامية .

5-   لا يجوز القبض على إنسان أو تقييد حريته أو نفيه أو عقابه بغير موجب شرعي و لا يجوز تعريضه للتعذيب البدني أو النفسي،أو أي نوع من المعاملات المذلة أو القاسية أو المنافية للكرامة الإنسانية.

6-   فعلى الإنسان في القوانين الوضعية أن يراعي حقوق الآخرين في الحياة لكنه غير ملزم بأي شيء إزاء حياته هو،في حين أن للحياة في النظرية الدينية من الأهمية بحيث ليس فقط لا يحق للإنسان أن يعرض حياة الآخرين للخطر،بل و لا يحق له أيضاً أن يلحق الضرر بحياته هو أيضاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق